القدس العربي
القصة الحقيقية وراء الغناء العبري الصهيوني في الكويت
البدري الخولي
4/7/2010



دعاة الديمقراطية والحرية وكهنة الإصلاح وأعداء الحكومات أثبتت التجربة العملية بأنهم أبعد الناس عن مفهوم الديمقراطية الحقيقية التي طالما تشدقوا بها طيلة حياتهم شريطة أن يتحدثوا عنها أمام فلاشات الكاميرات أو عبر الأثير.
ولكن خلف الستائر حدث ولا حرج وتروي قصتنا هذه حكاية اللاديمقراطية وشعار الوهم الكبير(القومية العربية والقضية الفلسطينية) داخل أحد المحافل التي يظن أنها نافذة للحوار وملجأ الديمقراطية وأعترف بأني أنا الوحيد الذي تجرع جل الصدمة الأولى حين سمعت بأذني ورأيت بعيني كيف لأحد رموز التيار الوطني الديمقراطي ينقلب على أبسط أمور الديمقراطية ألا وهو احترام الآخر في إبداء رأياهم؟ وقد حدثت تلك الانتكاسة داخل أحد صومعات الفكر الحر (كما يظن)، وكان الموضوع ذي صلة بفضيحة الغناء بالعبري(نعم فضيحة لما تحمل من فضائح جمة) للمطربة الغير آسفة، وترديد كلمات وغناء لرجل يعد من ألد خصوم العرب الصهيوني جزائري الأصل متصهين العقيدة "أنريكو ماسيس" وذلك خلال حفل فرقة الأنثربولوجيا على خشبة جمعية الخريجين الكويتية وسأوجل رواية الخديعة في أخر القصة ولكن لدينا الكثير من الأدلة على انتهاج الأساليب الغير ديمقراطية من داخل الديمقراطيين أنفسهم ومن براعمهم الشابة الذين أدعوا خديعتهم والتغرير بهم من قبل الفرقة التي راحت بأن تكون كبش فداء حيث الآتي
أولا: عملية الغناء بالعبري المقصودة للأغاني الإسرائيلية تمت على مدار يومين متتاليين27-28 فبراير (شباط) الفائت 2010ولم يعترض أو يبرر أحد تلك الفعلة، إذا كانوا من رافضين هذا النهج كما تحججوا.
ثانيا: إصرار الفرقة على الغناء لــ أنريكو ماسيس المتصهين الذي رفض أن يعيش تحت سماء دولة عربية محررة (الجزائر) فغادرها فورا عقب الاستقلال وعلما تم رفض دخول ماسيس من قبل السلطات الجزائرية بناء على المطلب الشعبي لما يكن من عداوة ووحشية للعرب وللفلسطينيين.
ثالثا: ردة الفعل الغير ديمقراطية تجاه امرأة فاضلة أبدت رأيها بطريقة حضارية ولكن قوبلت هبتها بالتصفيق المحموم رافضين أي مسحة من التعقل للمحاورة أو احترام الرأي الآخر، وهروب المطربة من ساحة الحوار الحضاري .
رابعا : المغنية غنت أغنية من التراث اليهودي ولا تعرف أي شيء عن معناها وباعترافها على صفحات جريدة الوطن السعودية 2 أبريل(نيسان) 2010 وقالت بعد هذه الضجة ترجمت الأغنية وكانت تعني (هيا لنفرح لنفرح لنفرح، لنستمتع يا إخواننا لنستمتع).. هل يعقل أن تغني مطربة أغنية لا تعرف معنى كلماتها هل تمدح أم تذم أم تحرض أم تثير غرائز جنسية أم هي ظاهرة الببغاوات الفنية التي تملأ أقفاص بعض المنديات الضائعة بين الزمان والمكان؟
المفاجأة الكبرى......الانقلاب الديمقراطي
أبدى كبير الديمقراطيين والأب الروحي للتيار الليبرالي كما يصفونه ديكتاتورية رائعة وقد مارسها في مشهدية مؤلمة ولكن يقينه بعدم البوح أو الكشف عن هذه الديكتاتورية جعلته يتخلى عن عباءة الحرية الغربية والديمقراطية الأثينية التي زين بها كل حوائط مكتبه فراح ينسف عشرات السنين من الإيمان والتأييد المطلق للحرية وتجلت هذه القمعية الديكتاتورية والرجعية السافرة حين عرضت عليه أحد المقالات التي تناولت موضوع الغناء بالعبرية ومغزاه في هذه اللحظة الراهنة في أجواء تفوح بالاغتيالات وتهويد متعمد للقدس رغم حيادية الطرح وسلامة النية وإعمال العقل والمنطق، فأمر فورا برفع الموضوع من المطبعة بدون أبداء أي أسباب في ذهول لف الحاضرين في كُفر بين بكل مبادئ القومية العربية(والتي تتربع على هرمها القضية الفلسطينية) ونسيان جميع أبجديات العقل الديمقراطي الذي يحترم الرأي الآخر والاحتكام إلى السواد الأعظم من الناس المجروحين في قضيتهم التي سقطت من أجلها الكثير من الأجيال، علما بأن موافقة النشر الأولى مرت على العديد من العقول الصحافية المستنيرة والديمقراطية المنتصرة والمنحازة إلى ثوابت الأمة وأظهرت هذه العقول المنفتحة على الآخر دهشة واسعة مما أشاع جوا من الإعياء الحضاري وشيوع حالة من الغثيان لما بدر من هذا الليبرالي.
حرية الرأي ...إلى أين؟
ونتساءل – لماذا – لا نسلط الضوء أو نعاتب هؤلاء المتظاهرين بالديمقراطية والمتلبسين بالديكتاتورية السوداء في آن واحد التي لا تقبل حتى النقاش مع جيل يفترض أنه سيتولى زمام الأمور فيما بعد؟ أ يوجد أحد فوق مستوى النقد البناء لرجالات يتأثر بهم الكثير من الشباب؟ كيف لهؤلاء بأن يهاجموا الحكومات في كل البلدان العربية بتهمة غياب الديمقراطية وهم يرزحون في لذة الديكتاتورية الفردية؟
هنيئا لنا بالليبراليين الجدد الذين يهاجمون الحكومة على طول الخط في بلادهم والحكومات العربية الأخرى ويصرخون على التيارات الدينية لتشددها وهم يمارسون أبشع أنواع التزمت والقمع والعنف السلطوي النابع من غريزة الأنا.
الفوضى الخلاقة
وحين كتبنا عن الغناء بالعبري راحت بعض الأقلام تلبس زي الحداثة وترتشف من حبر اللامبالاة المقصودة على غرار(الفوضى الخلاقة) صوب القضايا والثوابت العربية، فبرروا حادثة الغناء بالعبري وكادوا يخرجوا من جيوبهم صكوك الغفران لكل المذابح الإسرائيلية بداية من دير ياسين ومرورا بمدرسة بحر البقر ووصولا بمجزرة غزة وصكا أخر من شارع الشانزلزيه للفرنسي فاقد الشهرة أنريكو ماسيس ونختم قولنا بأن من العار امتهان الازدواجية الفكرية في عصر تتناقل فيه المعلومات وتتطاير فيه المذكرات التاريخية للرجال فتتكشف وتنجلي كل ملبسات الماضي، وعندما كتبنا عن التمدد اليهودي وعن الاستقطاب الشبابي هبت علينا بعض المهرولين الجدد الذين راحوا يمجدوا في في التراث اليهودي المحرف بل ذهب أحدهم بعيدا وكتب رواية تحكي عن عذابات اليهود داخل الكويت ويتباكى عليهم ويصف ألوان اللانتهاكات التي تعرضوا لها مما جعلهم يختفون والآن يبحث عنهم وعن اراضيهم، ونقول له هل أنت مستعد أن تعطهم دارك إذا ثبتت ملكيتها لهم ؟ ونتساءل في أي خيمة سيقيم هو وأولاده بعد أن يخرجوه الزائرين الجدد؟ أ رأيتم مثل هذا الهراء المقصود به فلاشات الكاميرات وضياع الأوطان، مثل الذي أحرق مدينة في مقابل إشعال سيجارة؟
الطابور الخامس
ومن منطلق المثل العربي الشهير (رب ضارة نافعة) بأن الحادثة كانت بمثابة الريح القوية التي كشفت أوراق التوت عن المتأدلجين خارجيا والمتمددين تحت أقدام الآخر، وهذا ليس بالغريب، أ لم تجند إسرائيل جيشا كاملا في لبنان كان يحارب معها ويؤازرها؟ وحين انسحبت تبرأت من الجميع.
وطبقا لقاعدة الطابور الخامس ظهرت الأصوات التي تتغنى بالتراث اليهودي وتتغزل في الفن اليهودي، وأخرون شرعوا باستخراج الوثائق التاريخية التي تثبت مدى همجية ووحشية العرب مع اليهود قبل نكبة 1948، والبعض يدعون ويفترضون بأن اليهود ربما هم بناة الكعبة والمسجد الأقصى وربما أيضا هم من حفروا النيل وشقوا الفرات وهم من سموا الخليج الفارسي باسم الخليج العربي.
الانفصاليون الجدد
ونتساءل وتملأ فمنا الدهشة هل هؤلاء ( الانفصاليون الجدد)يعانون من بعض الأمراض النفسية التي لا تعني الجنون ولكن تعني مرض حب الشهرة وإدمان المشي عكس السير للففت الانتباه واستمالة حتى العدو وحتى إن بدا علينا بثوب ملاك ؟
ونطالب السادة الحضاريين والديمقراطيين(ديمقراطيي الغرف المظلمة) والمتوحدين والمنبطحين تحت أقدام الآخر المسكين الذي يقتل كي يعيش وكي يربي أطفاله الصغار، أن يروا الجانب الآخر في حرصه ويقظته وكره لنا، هذا العدو الجميل المعطر صاحب مدرسة الحرية كيف يتعامل هو مع من يفرط في خططهم وأيدلوجياتهم ومن يتلفظ بالحقيقة الضارة لهم، هذا هو الوعي الحقيقي حيث الصورة الأخرى هناك في تل أبيب تتظاهر وتهاجم مجموعات من الشباب الإسرائيلي نائبة رئيس الكنيست السابقة والناشطة اليهودية (ناعومي حزان)عقب إعلان تقرير جولد ستون على تعاونها و تزويدها لجنة جولد ستون بالوثائق التي تثبت تورط الجيش الإسرائيلي في تورطه في جرائم حرب بشعة ضد المدنيين من سكان غزة وكيفية استخدامهم لأسلحة جديدة فتاكة مثل قذف القطاع بقنابل الفسفور الأبيض الذي رأيناه بعيوننا كيف له يلتهم لحم الأطفال ويذوب عظامهم ، ولكن هذا لم يثني شباب الدولة العبرية أن يهاجموا مقر بيت ناعومي ويرفعون الرسومات التي تصورها على أنها حيوان (وحيد القرن) ووصفوها بالمرأة الإسرائيلية الأكثر شرا داخل تل أبيب.
أ ليس من الديمقراطية الاعتراض ومحاورة ومهاجمة الديمقراطيين والمتغرغرين بالفكر الديمقراطي إذا حادوا عن قواعد الديمقراطية؟
والسؤال الاستراتيجي من يقف وراء مثل هذه الترهات والأطروحات الهذلية ومن الداعم المباشر والغير مباشر للأكاذيب الغربية والإسرائيلية؟
حدث بالفعل
والمفاجأة الأخرى أنني أنا أحد المقصودين ومعي أحد القامات الثقافية في الخليج العربي (د.نادر القنة) حين ادعت مطربة أنثربولوجيا بأن الداعية الفاضل (الشيخ د.محمد العوضي) يحرض عليها وهو الذي آثر على نفسه نشر مقالات في زاويته الحرة لأناس لا تجمعه معهم سوى حرية التفكير السليم ومنطقية الطرح في ثوابت لا تقبل أي مساومات وبعيد ا عن أي مآرب أخرى، بالرغم في الجانب المقابل ترفض صحيفة الديمقراطيين نشر أي شيء ولكن أطالب مطربتنا بأن تسأل شباب التيار الديمقراطي من سدوا كل قنوات الحوار رافضين تحمل مسئولية الديمقراطية مصادرين على حرية التعبير وأخيرا أن المشكلة أو القضية لم تعد في إيما وفرقتها أو أغنيتها ولكن في المهرولين المترهلين بأفكار لولبية يقصد بها جذب انتباه الآخر باعتبارها السلعة الرائجة وما همهم كل عذابات والانتهاكات التي يتعرض لها الإنسان العربي في أرضه وعرضه وسمائه ومقدساته، كفى هراء وإدعاء.
والمدقق في الطرح السابق يجد نفسه أمام معادلة غريبة وهجينة وأن تضافر وتفاعل كل المعطيات كان حتما أن يؤدي إلى مثل هذه النتيجة الغناء بالعبرية...والبقية تأتي.
كاتب صحافي الكويت



________________________________________
الدكتور نادر القنة - أتحداهم
شكرا للصديق والزميل البدري على كتابته هذه00 فقط أنوه الى انه سبق لي وعبر مقال تم نشره في جريدة الرأي أعلنت استعدادي لمناظرة كل المفتونين والمهووسين بالثقافة العبرية والصهيونية من مدعي العروبة 000 غير انهم انزوا في صمت وعلامات الخزي تغلف وجوههم0 بالضبط مثل أصنامهم من المتصهينين 0 ايا السادة: ان ثوابتنا الوطنية خارج حدود أي مساومة00 أرجو العودة الى اصل المقال بجريدة الرأي / زاوية خواطر للشيخ محمد العوضي وهنا اقول:ان التحدي لا يزال قائما وبوسعنا ان نكشف عن المفتونين بالثقافة الصهيونية العدوانية تقبلوا تحياتي الدكتور نادر القنة استاذ اكاديمي / دولة فلسطين
________________________________________
ارسل هذا الخبر الى صديق بالبريد الالكتروني
نسخة للطباعة

هل ترغب في التعليق على الموضوع؟

"القدس العربي" ترحب بتعليقات القراء، وترجو من المشاركين التحلي بالموضوعية وتجنب الاساءات الشخصية والطائفية، ولن يتم نشر اي رد يحتوي شتائم. كما ترجو الصحيفة من المعلقين ادخال الاسم الاول واسم العائلة واسم الدولة وتجنب الاسماء المستعارة. ويفضل ان تكون التعليقات مختصرة بحيث لا تزيد عن 200 كلمة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق